.
-"كيف الحال يا خالة؟"
-"بخير."
كان هذا جوابها الذي اعتدت سماعه كل مرة،
كنتُ أطمئن عليها كل صباح، أسأل عن حالها و أقوم بفحصها.
كانت حالتها تتحسن يومًا بعد يوم و كنتُ متفائلة بخروجها من المستشفى عمّا قريب، غير أنها ذات صباح لم تردّ علي، لم تكن بخير؛ هذا ما تشير إليه علاماتها الحيوية!
في الطب؛ ما الأسوأ من أن ترى مريضك في حالة انتكاس بعدما كان يتحسن؟ يا لخيبة الأمل!
في اليوم التالي، استيقظتُ صباحًا على رسالة من أحد الزملاء بأن المريضة قد توقف نبضها ثم عاد بعد الإنعاش.. فزعتُ لهذا الخبر، و اتجهت نحو غرفتها فور وصولي للمستشفى فوجدتُ فريق العناية المركزة عندها، ثم رحت أتصفح ملفها لأطّلع على تفاصيل ما جرى.. و حمدت الله أنها ما زالت على قيد الحياة!
توجهتُ لأطمئن على باقي المرضى.. دقائق مرت و إذا بالنداء يصدح في أنحاء المستشفى:
"Attention please.. code blue.. attention please.. code blue"
ضاق صدري و توجهت مسرعة نحو غرفتها راجية بألّا تكون هي ذاتها من تحتاج للإنعاش، لكن الفريق كان متأهبًا لبدء الإنعاش عند سريرها..
وقفتُ أراقب، لكنني كنتُ فاقدة للأمل هذه المرة، إذ لا شيء يبشر أنها ستقاوم الموت.. لا شيء!
التفتُّ إلى الوراء فإذا بأهلها يتطلعون إلى غرفتها ما بين مترقب و رافع يديه إلى السماء.. "أعانهم الله"
أعلنت الممرضة انتهاء الوقت المحدد للإنعاش، بدأ الطبيب يفحص المريضة حتى يتأكد من غياب "علامات الحياة" و يعلن "حالة الوفاة"
خرجت من الغرفة.. حاولت تمالك دمعي لكن لم أستطع.. "إنا لله و إنا إليه راجعون"
جلستُ ساهمة في حزني بعض الوقت، عاجزة عن التفكير في أي شيء آخر، لكنني تذكرت أنني لم أرَ مرضاي الباقين هذا الصباح. هذا الحزن لا يجب أن يلهيني عن عملي أو عن أدائه بأكمل وجه.
نفقد مريضًا فنتألم، لكن لا بد أن نمضي.. أملًا في أن نساعد آخر ليعيش.
*مواضيع ذات صلة:
إرسال تعليق