.
سنة قيل عنها بأنها "عنق زجاجة" آخر، و لذا فمن الطبيعي أن أبدأها بتخوّف.. بالإضافة إلى ذلك فقد قررت أن أمضي هذه السنة وحدي بعيدًا عن صديقاتي إذ لم أكن معهم بنفس المجموعة.. و اتخاذ قرار كهذا لم يكُن سهلًا أبدًا، لولا أن استخرت الله و توكّلت عليه و تيقّنت حينها أن أموري كلها ستكون بخير ما دمت بعين الله و رعايته. فأن تغادر "منطقة راحتك" يعني أن تواجه كثيرًا من المصاعب، من جهة أخرى فإن ذلك يعني أن تخوض كثيرًا من التجارب و تتعلم الكثير من الدروس. لا أقول أنها كانت تجربة رائعة، لكنها لم تكن سيئة، كما أنني تعلمت منها أشياء كثيرة و هذا هو المهم..
أعود إلى مسألة "عنق الزجاجة"، و حتى أكون صريحة فإن هذه السنة لا تخلو من الضغوطات.. و كذا هي كل سنوات الطب! غير أن الضغوطات في هذه السنة -من وجهة نظري- لا تقارن بِـ"سنة ثالثة".. نعم قد تكون الأكثر من بين سنوات المرحلة السريرية، لكنها ليست كذلك مقارنة بسنوات المرحلة ما قبل السريرية، ذلك أن نظام هذه السنوات -السريرية- يعطيك مرونة أكثر لتنظيم وقتك، كما أن قابليتك لتحمل الضغوط أصبحت أكبر بحكم التجربة. و لذا فأنا -بشكل عام- لست مع من يقول بأن هذه السنة "عنق زجاجة" ما دام الشخص يحسن تنظيم وقته. دراسة الطب لا تعني أن تنشغل عن العالم و تعيش في عزلة، لا تعني أن تترك هواياتك لأجل الطب.. فقط نظم وقتك!
تعلمت ألا أجهد نفسي ليلة الإختبار، تعلمت أيضًا أن أزِن الأمور فحينما يضيق وقتي لدرجة أنني أكاد أن أختنق؛ أسأل نفسي: أي المحاضرات أهم؟ و أي المصادر أشمل و في ذات الوقت مختصرة أكثر؟ طبعًا قد لا أستطيع أن أجيب على هذه الأسئلة إن لم أكن قد اطلعت على هذه المادة مسبقًا -قبل وقت الدراسة للإختبار- و هنا تكمن أهمية المذاكرة "أول بأول"
مواد هذه السنة مقسمة على مجموعتين: تخصصات طبية و تخصصات جراحية، بعضها كان ممتعًا بالنسبة لي و بعضها الآخر مملًا إلى حد ما.. لكن الأهم أن هذه التخصصات وسعت مداركي الطبية، أذكر مثالًا على ذلك "الطب النفسي"، حيث تعلمت أن أتفهم الناس، و أن دوري -كطبيبة- هو أن أقدم العون للناس و أن أعالجهم أيًّا كانوا.. لا أن أحكم عليهم أو على تصرفاتهم!
شكرًا لِـ "سنة خامسة".. سنة خضت فيها كثيرًا من التجارب، وسّعتُ دائرة معارفي، كما أنني عرفت فيها نقاط ضعفي و نقاط قوتي.. و أنا في النهاية راضية عما استطعت تحقيقه بفضل الله.
و تبقى لي سنة واحدة، سأعمل فيها على نقاط ضعفي و سأطوّر من نفسي بإذن الله، و الله أعلم بما يليها!
لا أستطيع أن أختم كلامي هذا دونما ذكر للشهيدة بثينة العباد، التي غادرتنا إلى الملكوت الأعلى و خلّفت وراءها ذكرًا طيبًا و جرحًا لن يندمل.. روحك يا بُثينة بيننا.. لن ننساكِ.
رحم الله من قرأ لروحها الطاهرة الفاتحة..
هنا تجدون:
إرسال تعليق