سنتي الثالثة في التخصص… أتذكر جيدًا الأسابيع الأولى، مع الحماس الذي كنتُ فيه، و الروتين اليومي الذي كنت أحلم به…. فجأة، تهاجمني المهام الدراسية الكثيرة.. ما بين مذاكرة و اختبارات و واجبات و محاضرات…. ذكرتني هذه السنة بِـ (سنة ثالثة في كلية الطب) في ضغوطها و ازدحامها..
أتذكر أني لكثرة ما عليّ من مهام دراسية و تشتتي بينها، كنتُ أترك كل شيء جانبًا لأفكّر فيما علي انجازه و كيف…! كالمقيد الذي لا يعرف كيف يتحرك، هكذا كنتُ أشعر…! تخلصتُ من هذه الحالة بعد عدة أيام، و لعلّ الذي قادني للوصول إلى هذه المرحلة هو أنني كنتُ أتوقع من نفسي الكثير.. لكنني في الحقيقة كنتُ مُجهَدة..!
و هنا أتذكر أيامي في كلية الطب، حيث كنتُ أبحث عن طريقة كيف أذاكر (بذكاء) و ليس (بجهد)… قرأتُ كتبًا عدة، و لكني خلصتُ إلى نتيجة واحدة و هي أن هذه الطريقة غير موجودة أو على الأقل يصعب تطبيقها في كلية مثل كلية الطب، و أن السبيل لتجنب الإرهاق و تحقيق النجاح هو (ترتيب الأولويّات).. نعم، التركيز على الأولويّات…
كنتُ غارقةً في انجاز المهام لحظةَ أدركتُ أنّي قضيتُ جُلَّ سنوات عمري الماضية في الدراسة، و أنّ الحياة التي أريدها لم أعشها بعد… وتساءلتُ يا ترى إن لم يكن الآن، فمتى؟!
إنّها الأولويات… هذه المرة لا أتكلم عن أولوياتي الدراسية، بل أولوياتي في هذه الحياة…
لا أريد أن أشعر أنّي في سباق، و ما عاد يهمني أن أكون الأفضل.. يكفيني أن أُتقِن عملي و أن أؤديه بإحسان..
ففي هذه الحياة ما هو أولى من العمل و الدراسة..!
..
و على الرغم من كل ما ذكرته، فأنا لا أُنكر أنها كانت سنة رائعة..! نشرتُ خلالها أول ورقة علمية، نزلتُ إلى الميدان و تعلمت الكثير في مُختلف المجالات الوقائية، و ما زلتُ أتعرف على زملاء رائعين و معلّمين متمكنين في كل مكان.
ما حكايةُ الحيرة التي ختمتُ بها هذه السنة؟! لعلّي أذكر ذلك في تدوينة (أربع سنوات في الطب الوقائي)، سنتي الأخيرة و التي انقضى منها أسبوعان، بالتأكيد لن تكون سنةً سهلة، و لكن أسأل الله أن يهوِّن علينا صعوباتها.
بقية الموضوع »